الخميس، 13 ديسمبر 2012

مدرسة ومسجد السلطان حسن



 دراسة مدرسة ومسجد السلطان حسن ,يقوم على إجلاء الصورة الحقيقية للتاريخ وإبراز مضامينه الواقعية كي نتمكن من استخلاص الدروس والعبر التي تضيء لنا طريق المستقبل 

ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي سيهتم بدراسة مدرسة ومسجد السلطان حسن الذي يعد واحد من أهم وأروع المنشات الإسلامية في القاهرة.
إن وصف جامع السلطان حسن بحاجة إلى قلم بليغ وأسلوب شاعري حتى يمكن إبراز دقائقه وجزئياته حتى لا يكون ما يراه القارئ قاصرا على هذه الجزئيات فحسب , وان كانت بعض هذه الجزئيات غاية في الطرافة والابتكار وكأنها بيوت شعر من قصيدة عصماء.
والفنان في هذا الجامع لم يوجه همه إلى الزخرفة كعامل جوهري في العمارة بل اقتصد فيها وسيطر عليها أخضعها للكل فأدت أغراضها.
ويعتبر جامع السلطان حسن من أهم الآثار الإسلامية في مصر , وقد اخترت هذا المسجد لأنه يعبر عن عظمة العمارة الإسلامية فى مصر.
حقا , إذا كان لمصر القديمة أن تفتخر بأهرامها فأن لمصر الإسلامية أن تتيه عجبا بجامع السلطان حسن , والذي أعتبره من وجهة نظري تحفة معمارية تدل على مدى براعة الفنان والمبدع الإسلامي في ذلك العصر المملوكي , وفى هذا المسجد سوف نتناول بعض ألاماكن التي بداخله في شئ من التفصيل والدراسة البسيطة السهلة التي تجعل القارئ يستمتع بقراءته , فهذا المسجد كان يقوم بدورين هما التعليم وعبادة الله في نفس الوقت , حيث كانت توجد به المدارس العديدة لتعليم الطلاب فكان منارة للعلم , وكان لتهذيب النفس وعبادة الله وتطهير الإنسان من معاصيه.

ولقد قسمت البحث إلي ثلاثة أقسام :

الفصل الأول يدور موضعة عن صاحب الأثر وهو موضوع تاريخي يدور حول صاحب الأثر.
وان كان موضوع البحث معماري ،ولكني رأيت ان التعرف علي صاحب الأثر موضوع من الأهمية بمكان .وهذا يساعدنا في الحكم علي عمارة الأثر نفسه وما تعرض له من الهدم والتجديد ومعرفة الطرز السائدة في هذا العصر وبعض العناصر المعمارية والتأثيرات الوافدة ؛وكتبت به ترجمة 
السلطان حسن بقدر ما حصلت علية من المعلومات القليلة بل الأقل به تاريخ الإنشاء للمدرسة في نهايته .
الفصل الثاني قسمته إلي قسمين الأول دراسة وصفية للمدرسة  كما يتهيأ للزائر رؤيتها من الخارج إلي الداخل ،من وجهات ومدخل وتصميم معماري خارجي وداخلي والقسم الثاني عن الوقفات التي أقرها السلطان حسن للمدرس الفرعية ونظام التدريس بها
إما الفصل الثالث فقد قسمته أيضا إلي قسمين الأول يدور حول دراسة تحليلية للمدرسة من خلال ظهور العناصر المعمارية وتطورها والغرض منها والثاني أعمال البناء والتخريب للمدرسة علي مر التاريخ والذين ساعدوا في ترميمها وإعادة بناها بعد كل نكبة . 
ولقد رجعت إلي الكثير من الكتب والمراجع التي استطعت أن اجمع منها هذه المعلومات التي بين أيدينا ألان ،وكان من أهم المراجع التي استفدت منها في البحث.
ومن أهم المراجع التي اعتمدت عليها :-

أولا المصادر:

أبو المحاسن:النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 
المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 
المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك  
علي باشا مبارك:الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة

ثانيا المراجع :

أبو الحمد محمود فرغلي:الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية والقبطية في القاهرة 
الحسن بن عمر :تذكرة النبية في أيام المنصور وبنيه_تحقيق محمد محمد أمين 
جاب الله علي جاب الله :دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة
حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة 
حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية في القاهرة 
حسين علي :الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي 
سعاد ماهر :مساجد مصر وأوليائها الصالحون 
سحر عبد العزيز :دراسات في تاريخ مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي 
صالح لمعي :القباب في العمارة الإسلامية 
عاصم محمد رزق :دراسات في العمارة الإسلامية مجموعة بن مظهر المعمارية بالقاهرة 
عبد الله الشرقاوي :تحفة الناظرين في من ولي مصر من الملوك والسلاطين _تحقيق رحاب عبد الحميد
عبد الله عطية :الآثار والفنون الإسلامية 
عبد الحميد يونس :تاريخ مصر القديمة وأثارها




التمهيد

إذا كان الكلام عن المماليك من الناحية التاريخية ليس موضوع هذا البحث فلا شك أن الكلام عنهم من الناحية الحضرية مرتبط ارتبط وثيق بعمائرهم التي خلفوها والتى ندرس نحن اليوم واحد من أجمل و أروع المساجد التي أنشأها المماليك فى مصر, ولقد أدرك الأيوبيون ضرورة تثبيت حكمهم باستخدام حراس محترفين من الرقيق عرفوا باسم المماليك(1)
وعرف المماليك في التاريخ الإسلامي بجموع الرقيق الأبيض الذين أصبحوا رقيق نتيجة الأسر في الحرب أو الشراء من التجار وكان الخلفاء العباسيون هم أول من استخدم المماليك معتمدين  عليهم  في توطيد نفوذهم(2)
وقد ازداد المماليك قوة في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب وخلال القرنين نصف القرن التي حكم فيها المماليك مصر(3).
 وقد قسمهم المؤرخون إلي سلالتين:-
سلالة المماليك البحرية نسبة إلى إقامة مماليك هذه السلالة في جزيرة ألروضه علي النيل 
أما المماليك ألبرجيه فيرجع تسميتها إلي أقامة مماليكها في أحياء في القلعة عرفت هذه الأحياء بالبرج.
وقد لجاء الخلفاء العباسيين إلى الإكثار من المماليك في أيام الخليفة المأمون بسب شكوكهم في الفرس الذين قامت علي أيديهم الدولة العباسية ،ثم انتشر استخدام المماليك في الدولة الإسلامية (4).
وتوصل المماليك ألي السلطنة في بعد الولايات مثل سيطرة احمد بن طولون
علي مصر الذي وصل عدد مماليكه إلي أربعه وعشرون ألفا علي الأرجح.
وكان الموطن الأصلي للمماليك البحرية بلاد القبجاق الواقعة في المنطقة السهوبية بجنوب روسيا والمغول والأكراد أيضا ،بينما المماليك ألبرجيه كانوا من, وكان المماليك يأتون عن طريق البحر الأسود إلي بلاد الشرق عامة. (5)
___________________
(1) حسين علي :الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي .ط2.مؤسسة الشراع العربي 1995.الكويت.ص101
(2) عبد الحميد يونس :تاريخ مصر القديمة وأثارها.ج3.الهيئة العامة للاستعلامات ,القاهرة.ص1171
         (3) حسين علي:الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي.ص101
(4) عبد الحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها.ص117
(5) حسين علي:الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي.ص102
وكان السلطان بعد شراء مملوك يرسله إلى الفحص الطبي ثم يسلم إلي الطواشي المشرف علي التربية ويخصص لكل مجموعه فقيه لتعليمهم القران والخط وأحكام الدين وآداب الشريعة ،وبعد إدراك المماليك سن البلوغ يتعلمون فنون الحرب ثم الانتقال إلي الخدمة بعد إتمام المرحلة التعليمية ،ويمر بادوار الخدمة رتبه رتبه إلى أن يصبح أمير ،فأول شي تقدر له جامكيه بمعني مرتب تتدرج من ثلاثة دنانير إلي سبعة عشر ثم ينتقل إلي الاقطعات ثم إلي الاماره، وإذا وصل الاماره أصبح سلطان صغير علي قول القلقشندى له مماليكه وأمواله وأرضه الخاصة(1)
الإدارة عند المماليك تتمثل في الشكل الهرمي الذي يعتليه مماليك السلطان،ه والرق قديما هو أساس الترقية في هرم السلطة ونجد في مؤسسة الرق التركية نظام (ألقابي قولا ري ) وهو نظام يمنح المملوك أفضل الفرص للترقية وهو ما يشبه نظام الرق المملوكي (2)
ولعل سبب كثرة المماليك وابرز أدوارهم عندما تنازع ورثة صلاح الدين علي تقسيم دولته ونشبة الحروب بينهم لجا الأمراء لشراء المماليك بكثرة حتى يحمون أنفسهم ويحصنون دولهم.
وانتسب المماليك إلي أساتذتهم غالبا مثل أشرفية خليل نسبه إلي السلطان الاشرف خليل بن قلاوون ،وأشرفية برسباي نسبة إلي الاشرف برسباي ،والظاهرية نسبة إلي الظاهر بيبرس ،وأيضا إلي التجار وربما إلي الثمن مثل قلاوون الألفي لان ثمنه ألف دينار.
من المعروف إن المماليك لم يتزوجوا من المصريين ولكن تزوجوا من الجواري وهذا أدي إلي وجود العزلة ألاجتماعيه لشعورهم أنهم أغراب عن المصريين وقد ساعدهم ذلك علي الترابط مع بعضهم البعض وجعلتهم هذه العزلة أيضا يحتفظون بعاداتهم وأخلاقهم.
ينقسم تاريخ المماليك إلي دولتين الأولي دولة المماليك البحرية التي امتد حكمها مابين عامي(648-784هج/1250-1382م)
والثانية هي دولة المماليك البرجيه وامتد حكمها مابين عامي
(784-923هج/1382-1517م) (3)







(1) عبد الحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها.ص1172
(2).حسين علي:الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي.ص102
 (3)عاصم محمد رزق:دراسات في العمارة الإسلامية مجموعة ابن مزهر المعمارية بالقاهرة .مطابع المجلس الأعلى للآثار-1995- القاهرة

لقد كان علي دولة المماليك الناشئة إن تثبت أنها جديرة بالحكم ذلك وان طريقة انتزاع المماليك للحكم من بني أيوب سادتهم جعلت منهم مغتصبي للحقوق و بالإضافة إلي شعورهم بأنهم جميعا كانوا رقيقا في يوم من الأيام فقاموا بجهد كبير لكي يظهرون في صورة حماة الإسلام (1)
وعلي ذلك ردع المماليك خطرين كبيرين كانوا يهددا الوطن الإسلامي فأحدهم قادم من الشرق وهو المغول الذين استولوا علي فارس والعراق وأجزاء أخري وعرفوا بالعنف والقتل والنهب
والخطر الأخر هم الصليبيين الذين قدموا تحت الشعار الديني مخبئين الأغراض الحقيقية بالسيطرة علي خيرات الشرق (2)
وفي عهد المماليك حظيت مصر برخاء اقتصادي وتقدم فني وقوة سياسية وحققت تفوقا كبيرا في فنون العمارة ولعل ابرز العوامل التي ساعدت علي تقدم العمارة كما ذكرنا التقدم في جميع المجالات (3)،بالإضافة إلي عامل أساسي وهام وهو هجرة كثير من المهندسين والعمال وصناع بغداد وبلاد الشام إلي مصر وذلك بسب أعمال المغول في هذه البلاد ولم يجد هؤلاء العمال ملجأ إلا مصر (4)،فساعدوا علي تقدم العمارة والفنون نتيجة ما قدموا من ثقافات مختلفة وأعمال رائعة 
في الماضي توسع المماليك في العمائر الدينية بسبب ما شهدت البلاد من تقدم واحتكار لطرق التجارة العالمية ولنشاتهم الدينية 
ومن هذه العمائر "المساجد والمدارس والخنقاوات "
وسبب توسعهم في العمائر المدنية حياة الترف التي تمتعوا بها جعلتهم يشيدون كثير من القصور الحمامات والاسبله والكتاتيب والبيمارستانات والوكالات والخانات والأسواق 
وأثرت عمائر المماليك في بلاد الغرب بعد الحروب الصليبية ونقلهم للنهضة الشرقية 
ورجح بعض العلماء أن أبراج النواقيس قد أخذت كثيرا من المآذن المملوكية وأيضا جمع ألقبه مع الميدنه (المئذنة )في المساجد ألمملوكيه ساعد المهندسين الإنجليز في تشييد القبب والأبراج في كاتدرائية سانت بول في لندن ،واستخدام النظام الأبلق في المدن الإيطالية منقول عن العمارة المملوكية (5)



____________________

(1)عبد الحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها.ص173
(2)عبدا لحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها. 179
(3)حسن الباشا:موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية .ط1.مكتبة أوراق شرقية 1999.بيروت.ص317
(4)عاصم محمد رزق:دراسات في العمارة الإسلامية.مقدمة تاريخية 
(5)حسن الباشا:موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية.ص317؛318

المنشئ وتاريخ الإنشاء

خلف الناصر محمد بن قلاوون اثني عشر ولدا بخلاف من توفي في حياته، ومن بين هؤلاء ثمانية تعاقبوا علي منصب السلطنة من بعد هو كان أول هؤلاء البناء السلطان سيف الدين أبو بكر الملقب بالمنصور، ثم علاء الدين كجك الملقب بالإشراف ثم احمد الملقب بالناصر واتي من بعده الصالح إسماعيل ثم المظفر حاجي ثم الناصر حسن منشئ المسجد الذي نحن بصدده (1)
الاسم والتاريخ
هو السلطان الملك الناصر حسن ابن السلطان الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون، ولد في سنة 735 هجرية وأمه أم ولد ماتت عنه وهو صغير فتولي تربيته خوند أردو، وكان أولا يدعي قماري، ولي الملك في 14 رمضان من سنة 748 هجرية وعمره ثلاث عشر سنة ، ولما جلس علي تخت الملك لقبوه بالملك الناصر سيف الدين قماري غير انه لم يرضي بهذا اللقب وقال انمي اسمي حسن ،فاستلطفه الناس لصغر سنه ولذكائه فصاحت الحجاب في الحال باسمه وشهرته وتم أمره وحلف له الأمراء وهو السلطان التاسع عشر من ملوك الترك بالديار المصرية والسابع من أولاد الناصر محمد بن قلاوون (2)
وتولي السلطة مرتين كانت اولهما في رمضان سنة 748هجريه وكان سنه آنذاك ثلاثة عشر عاما (3)
وأقيم في السلطنة بعد خلع أخيه المظفر سيف الدين حاجي في الأربعاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعون وسبعمائة






_________________________

(1)سحر السيد عبد العزيز:دراسات في تاريخ مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي_مؤسسة شباب الجامعة _2005_أسكندرية _ص276
(2)سعاد ماهر محمد:مساجد مصر واوليائها الصالحون_ج3_1979_القاهرة _276
(3)حسن محمد نويصر:العمارة الإسلامية في القاهرة _مكتبة زهراء الشرق_1996_القاهرة_ص203
(4).يوسف بن تغري بردي :المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي _حققه د. نبيل محمد عبد العزيز _ج5_دار الكتب _1989_القاهرة _ص126 
وقد ورد أيضا في بعض كتب التاريخ انه عندما تول الحكم في الفترة الأولي كان عمرة احد عشر عاما(1)
وكان أمر المشورة في الدولة والتدبير لتسعة أمراء هم:بيغا أرس القاسمي والجينبغا المظفري وشيخون العمري وطاز الناصري واحمد شاد الشراب خاناه وأرغون الإسماعيلي وثلاثة آخرون ،فاستقر الأمير سيخون رأس قوبة كبيرا وشارك في تدبير المملكة (2)
وفي سنة 751 هجرية اثبت القضاة أن السلطان قد بلغ سن الرشد فتولي تدبير أمور الملك بنفسه وعند ذلك قبض علي الأميرين منجك وبيغاروس مما دعا الأمراء إلي التآمر عليه وإقصائه عن الملك ، وتفصيل ذلك أن السلطان لزم الفراش أياما لوعكة أصابته فبلغ الأمراء طاز ومغلطاي ومنكلي بغا أنه أراد بإظهار توعكة القبض عليهم إذا دخلوا إليه وانه قد اتفق مع قشتمر والطنبغا الزامر وملكتر المارديني وتنكربغا علي ذلك وان ينعم عليهم باقطاعاتهم (3)
فقام الأمير طاز بالتآمر مع بعض الأمراء ، وقبضوا علي السلطان في عام اثنتين وخمسين وسبعمائة ، وسجنوه بالقلعة في مكان داخل دور الحرم ، فأقام به إلي حين عودته للسلطنة ثانية كما سيأتي ، بعد أن قضي في الحكم ثلاث سنين وتسعة شهور .
وتولي بعده أخوه الملك الصالح صلاح الدين صالح في ثامن عشر جمادي الأخر سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة يوم خلع أخوه ، وهو أخر من تسلطن منهم ، ولم يكن بلغ سن الخامسة عشر، فأقام ثلاث سنين وثلاثة شهور وثلاثة أيام ،ثم خلع لكثرة لهوه ، وسجن بالقلعة يوم الاثنين ثاني شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة (4)












___________________________

(1)عبد الله الشرقاوي: تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الملوك والسلاطين _تحقيق رحاب عبد الحميد_مكتبة مدبولي _1996_القاهرة _ص103
 (2)سعاد ماهر محمد: مساجد مصر و اوليائها الصالحون _ص276
(3) المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك _ج2 _ص843
(4)علي باشا مبارك : الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهدة _ج1_طبعة مصورة عن الطبعة الثالثة بالقاهرة عام 1980 _الهيئة المصرية العامة للكتاب _1994_القاهرة _ص102
وقد وصف المؤرخ أبو المحاسن السلطان الصالح بأنه "لم يكن في سلطنته إلا مجرد اسم فقط ،لغلبة الأمراء شيخون وطاز وصرغتمش علي الأمر ،لأنهم كانوا هم حل المملكة وعقدها واليهم العزل والحبس بالقلعة ، وعندئذ أعاد الأمراء الناصر حسن إلي السلطنة(1)
وقد عاد السلطان حسن إلي السلطنة سنة خمس وخمسين وسبعمائة فاقامست سنين وسبعة أشهر و أياما،وجملة مدته عشر سنين وأربعة أشهر و أياما ، وفي أيامه بني جامع ألأمير شيخون وخاناقاه الأمير صرغتمش ومدرسة السلطان حسن بالرملية بنها في ثلاث سنين وارصد لمصر وفتها كل يوم نحو ألف مثقال ذهبا (2)
وفي سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ،قام أحد المماليك علي الأمير شيخون في الديوان وضربه بخنجر ثلاث ضربات في وجهه ، فقاموا عليه وقتلوه ، وبقي شيخون مريضا بجراحاته ثلاثة شهور في داره بخدرة البقر ، التي هي ألن حوش بردق ، ثم مات من ذلك ، ودفن في خانقاهه التي في الصليبية ،وكانت عدة مماليكه سبعمائة ،وبلغ من العز والسطوة مبلغا لم يبلغه غيره ، وصار أكثر العمال والمماليك من رجاله ،وكثرت أمواله حتى صار دخل مالكه في اليوم مائتي ألف درهم نقرة سوي الانعمات السلطانية والتقادم التي ترد إليه من الشام ومصر ،والبراطيل علي ولاية الأعمال 
وبعده استقر صرغتمش بالكلمة وصار أتابكي العسكر ،وضرب فلوسا جديدة فشمل الناس من ذلك ضرر عظيم ،ومنع ما كان مرتبا للديور والكنائس من ديون الاحباس ، وكان نحوا من خمسة وعشرين ألف فدان ،فبطل من حينئذ ما كان بأيدي النصارى من الرزق ،ووزع كل ذلك علي الأمراء ،وهدم كنيسة شبرا التي كانت تعرف بكنيسة الشهيد ، وكان بها إصبع يعرف بإصبع الشهيد ، كانوا يضعونه في النيل ، ليزداد به في زعمهم .(3)










________________________________

(1)أبو المحاسن : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة _ج10_ص287
(2)عبد الله الشرقاوي : تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الملوك والسلاطين _ ص103 
(3)علي باشا مبارك : الخطط التوقيقية الجديدة _ج1 _ ص104

ثم انه لتكبره حتى علي السلطان نفر منه السلطان ، والقي إليه الأمراء فيه ، وحذروه منه وقالوا له :أن لم تقتله قتلك ،فوجه السلطان أفكاره لهذا الأمر ، حتي قبض عليه في الايوان وأرسله إلي الإسكندرية ،فسجنه بها مدة ،ثم قتله فتحشدت مماليكه ،وكانوا نحو ثمانمائة،ووقع الحرب بينهم وبين عساكر السلطان في الرملية فقتل غالبهم ،ونهبت دورهم ودور سيدهم وخاناقاه ودكاكين الصليبة،وكان أمرا مهولا (1)
وخلف الناصر حسن من الأولاد عشرة :أحمد ،وقاسم ، وعلي ،واسكندر ،وشعبان ،وإسماعيل ،وتحتت ، وموسي ،ويوسف ، ومحمد . وستا من البنات ، وخلف من الذهب العين والخيول والقماش شيئا كثيرا للغاية ،واستولي يلبغا علي جميع ذلك.(2)
وكان له همة عالية وله مآثر بمكة المشرفة ،وعمر بها أماكن ، واسمه مكتوب في الجانب الشرقي ،وعمل في زمنه باب الكعبة الذي هو بابها ألان ، وكسا الكعبة الكسوة التي في باطنها اليوم ،وأشياء غير ذلك (3)
وصفه: 
كان للطول اقرب ،أشقر ،وبوجهه نمش مع كيس ، وكان قد رسم أن تعمل له خيمة عظيمة ،فعملت ،وضربت بالحوش السلطاني من قلعة الجبل ،فكانت من الحسن إلي الغاية ، وهذا ما اتفق علية المؤرخون  (4)
وكان كريم النفس ، باراً لأهلة وأقاربه ، يميل إلي فصل الخير والصدقات ،وكان يحب أولاد الناس دون المماليك ولهذا طالت مدته ،لولا أنه قدم مملوكه يلبغا ،فكان ذلك هو السبب لزوال دولته (5)










______________________________

(1)علي باشا مبارك :الخطط التوفيقية الجديدة_ج1_ص105
(2)يوسف بن تغردي بردي : المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي_تحقيق د.نبيل محمد _ج5_ص128
(3)يوسف بن تغردي بردي : المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي _تحقيق د.نبيل محمد _ج5_ص131
(4)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية في مصر _ص204 /يوسف بن تغردي بردي: المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي _تحقيق د.محمد نبيل _ج5_ص130
(5)يوسف بن تغردي بردي : المنهل الصافي _تحقيق محمد نبيل _ج5_126

ولامه بعض خواصه في تقدمة أولاد الناس علي المماليك ؛فقال :والله لا محبة فيهم أقدمهم ،ولكن افعل ذلك مصلحة لي وللرعية وللبلاد ،فاما مصالحي فانهم لا يخرجون عن طاعتي ،ومت ارادوا ذلك نهاهم أقاربهم وحواشيهم عن ذلك ،خوفا علي أملاكهم وأرزاقهم ،بخلاف المماليك فانهم لا راس مال لهم في مملكة من المماليك. وأما للرعية فان عندهم شبع النفس وعدم الطمع وأيضا خوفا مني لا يظلمون أحدا وللبلاد فلا شك إنهم اعرف بالأحكام والسياسة والأخذ بخواطر الرعية من المماليك.(1)
وقد كثر ميله لأولاد الرعية حتي قال عنهم :هؤلاء مامونو العاقبة وهم في طي علمي وحيث وجهتهم إليه توجهوا ومتي أحببت عزلهم أمكنني ذلك بسهولة(2)
وقد إنشاء الكثير من الانشائات من أهمها المدرسة الموجودة بجامع السلطان حسن بين الرميلة وحدرة البقر، كما إنشاء القاعدة البيسرية بالقلعة سنة احدي وستين وسبعمائة والتي لم ير مثلها في المباني المملوكية ،ويبلغ ارتفاعها ثمانية وثمانون ذراعا وبها برجا ً من الأبنوس المطعم بالعاج ،وله باب يدخل منه إلي الأرض،وفيه مقرنص قطعة واحده يكاد يذهل الناظر إليه بشبابيك من الذهب الخالص وطرازات ذهب مصوغ وشرفات ذهب مصوغ وقبه مصوغة من الذهب ،وقد صرف فيه ثمانية وثلاثون ألف مثقال من الذهب وصرف في مؤنه وأجره تتمة الألف ألف درهم فضه ،منها خمسون ألف دينار ذهبا وبصدر إيوان هذه القاعة شباك حديد يقارب باب زويلة ،يطل علي جنينة بديعة الشكل وجملة ما دخل فيها من الفضة البيضاء الخالصة المضروبة مائتا ألف وعشرون ألف درهم ،كلها مطلية بالذهب ،كما إنشاء في أيامه جامع شيخون وخانقاهه وخانقاه صرغتمش(3) 
وقد خرج السلطان حسن من القاهرة للصيد بكوم برا _وهي بلدة من قري القاهرة _وكان قد تغير خاطر علي مملوكه المذكور يلبغا،لكلام بلغه عنه ،فركب في نفر قليل علي انه يكبس يلبغا في منزله .
وكان عند يلبغا خبر عن طريق الدسيسة ،فخرج يلبغا للقاء السلطان بجماعته وهم مستعدون للحرب ،فلم يقدر السلطان حسن علية ،وهرب في جماعة يسيرة وعدي النيل من وقته في ليلة الأربعاء تاسع جمادي الأولي سنة اثنتين وستين وسبعمائة (4) 





___________________________

(1)يوسف بن تغردي بردي:المنهل الصافي .حققه د.نبيل محمد _ج5_ص127
(2)المقريزي :المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار _ج2_ص318
(3)علي باشا مبارك:الخطط الجديدة _ج1_ص105
(4)يوسف بن تغردي بردي : المنهل الصافي _د.محمد نبيل _ج5_ص128

فتبعه يلبغا وحصل بينه وبين ابن ألمحسني وقشتمر المنصوري وقعة ببولاقانكسر فيها الأمير يلبغا مرتين حتي ردف يلبغا الأمير الجاي اليوسفي وغيره ،وتكاثروا علي ابن المحسني ،كل ذلك وابن المحسني يهزمهم كره بعد أخري إلي أن صار يلبغا في جمع موفور وأرسل في الدس يسال ابن المحسني ويعده بكل الخير،ولا يزال به حتي كف عن قتاله ،وذهب الي حال سبيلة ،ولما طلع الملك الناصر إلي قلعه الجبل ،واعاق يلبغا ابن المحسني عن حضوره الي القلعة ،في اثر ذلك دار رمق السلطان حسن ،والبس مماليكه المقيمين بالقلعه ، فلم يجد خيولاً ، فان خيل السلطان كانت في الربيع ،فضاقت حيلته 
فلما سبح المسبح ركب السلطان حسن ومعه ايدمر الدودار، ولبسا لبس العرب ليتوجهها الي الشام،فلقيهما بعض المماليك ،فانكروا عليهم ثم قبضوا عليهم ،واحضروهم الي بيت الامير شهاب الدينالازكشي استادار العالية كان ،فمسكهما واحضرهما الي يلبغا فكانت ذلك اخر العهد بالسلطان حسن _رحمه الله _ولم يعلم له خبر ولا اثر ،وذلك في يوم الأربعاء تاسع حمادي الأولي سنة اثنتين وستين وسبعمائة (1)
وروي ان نائب السلطنة قام باغتياله قرب المطرية ،وقيل أنه رمي بجثته بحخر في النيل،ولهذا لم يعرف له قبر وقبل دفنه في مصطبة كانت امام داره بحدرة الكبش وقيل انه دفن بكيمان مصر والله واعلم ،وكان عمره آنذاك بضع وثلاثين سنة تخميناًومدة ملكه في السلطنه الثانية بلغة ستة سنوات وسبعة اشهر وسبعة ايام .(2)وكان قتله علي يد اقرب الناس اليه من مماليكه وخواصه "يلبغا"(3)
وكان ملكاً شجاعاً وبطلاً مهيبا ً ،نافذ ألكلمه ،محباً للرعية ،وفتحت في أيامه حملة قلاع ،غير انه كثيراً ما كان يصادر أرباب الوظائف،ومات عن سبع وعشرين سنة ،منها في السلطه عشر سنين ونصف في المرتين معا ،وخلف من الاولاد عشرة من الذكور وستة من الإناث (4)







______________________________

(1)يوسف بن تغردي بردي : المنهل الصافي _تحقيق د. محمد نبيل _ج5_ص129
(2) حسن محمد نويصر :العمارة الاسلامية في القاهرة _ص204
(3)سعاد ماهر: مساجد مصر واوليائها الصالحين _ج3_ص280
(4)علي باشا مبارك :الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة_ج1_ص104 
وأما عن تاريخ الإنشاء فقد أمر الناصر حسن ببناء هذه المدرسة في سنه (757هجريه/1356م) واختار لها هذا الموقع بعد أن هدم ما كان بها من مباني قديمة ،وأراد أن تكون مدرسة لتدريس المذاهب الاربعه ،واستمر العمل ثلاث سنوات بلا انقطاع حتى احتفل السلطان بافتتاح المدرسة ،وصلي فيها ألجمعه ، وانعم علي البناءين والمهندسين ،واقيمة بها الدروس في حياته أيضاً،كما حرر لها وقفية مؤرخه في شهر رجب سنة (760 هجرية /1359م ) .
ورصد عليها وعلي غيرها عقارات وأراضي تغل للصرف عليها ،وعين بها الموظفين والقراء ،وفرشها وعلق بها الثريات والمشكاوات الجميلة وعين لها إماماً.
ولكن اعمال البناء لم تكن قد اكتملت بعد واستمر البناء تحت إشراف أميرة المخلص الطواشي بشير الجمدار حتي بعد اختفاء السلطان حسن .(1)
والشاهد من التاريخ ومن الاحداث  ومواصفات هذا الجامع ان السلطان حسن أراد أن يخلد ذكراه ويتضح غرضه من انشاء الضريح خلف جدار القبلة وهو الهدف الأساسي حتى يحمل الجامع اسمه ويحوي جثمانه ،وبذلك جاء الجامع غاية في الدقة والفن والمهارة وإظهار من إبداع المعمار المملوكي ما لا حصر له وقام الجامع بدوره في تخليد ذكري المنشي حتى اذاء علمنا انه لم يدفن به ولا يعرف مكان جثمانه 

















_______________________

(1)أبو الحمد محمود فرغلي : الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية والقبطية في القاهرة _ط3_الدار المصرية اللبنانية _1996_القاهرة _ص123


الدراسة الوصفية

تقع هذه المدرسة حاليا بميدان صلاح الدين(ميدان ألقلعه) وتتصل بوجهتها الشمالية علي شارع محمد علي عند تقابله مع شارع سوق السلاح وبوجهتها الجنوبية الغربية علي شارع المظفر ،أما الواجهة الرابعة وهي الشمالية الغربية فتطل علي مخازن هيئة الآثار حاليا والتي كانت من ملحقات المدرسة في ما مضي (1)
كما أنها تقع أمام مدرسة قانيباي السيفي ،وفي الجهة المقابلة منها مسجد الرفاعي الذي أنشئ في أوائل القرن العشرين الميلادي ،وهو ضريح الخديوي إسماعيل والملك فؤاد(2)
ذكر المقريزي أن موقع هذه المدرسة كانت في الماضي دارين للأمير يلبغا اليحياوي والامير الطنبغا المرداني ، فهدمهما السلطان حسن وأضاف اليهما عدة دور وشرع في بناء مدرسته تجاه ألقلعه وذلك سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ،وان العمارة فيه ظلت قائمة لمدة ثلاث سنين لم تعطل يوما واحداً (3)بتكلفة عشرين ألف درهم كل يوم ، بمجموع عشرين مليون درهم وهو ما جعله اغلي واثمن اثر يبني في القاهرة .
وتشغل المدرسة مساحة كبيرة من الأرض فهي ما يقرب من فدانين ، إذ تبلغ مساحتها "7906" أمتار مربعة ،وهي علي شكل مستطيل غير منتظم الأضلاع ،وهي خالية من جميع الجهات ولذلك فهي تحتوي علي أربع جهات .(4)
وتقع الوجهة الرئيسية للمدرسة في الضلع الشمالي ،ويبلغ طوله "145م"وقد زخرفت هذه الواجهة باثنتي عشر جنيه تمتد بارتفاع الواجهة الذي يبلغ "37.80م" ولما كانت المدرسة تحتوي علي أربع طوابق ،ولذلك فان كل طابق يفتح فيه صفان من النوافذ ،صف نوافذ مستطيلة والأخر صغير ومربع الشكل(5) 








_________________________

(1)حسن محمد نويصر: العمارة الإسلامية في مصر_مكتبة زهراء الشرق _القاهرة_1996_ص203 
(2)الفن المملوكي عظمة وسحر السلاطين_الدار المصرية اللبنانية_القاهرة_2007_ص84
(3)المقريزي : الخطط _ ج2_ ص316
 (4)حسن عبد الوهاب:تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة _ج1_نكتبة الدار العربية _القاهرة_1993 _ص170
(5)سعاد محمد ماهر:مساجد مصر وأوليائها الصالحون_ج3_القاهرة_1979_ص282
وقد حصرت كل النوافذ بحيث أصبحت داخل الحنايا ،وعلي ذلك أصبحت كل حنيا من الحنايا تحتوي علي ثمان نوافذ ومعني هذا ان الواجهة تحتوي علي "96"نافذة وقد وزعت هذه الحنايا بحيث أصبحت واجهة المدرسة الشافعية تحتوي علي ست حنايا ،أما إيوان المالكية الذي يطل علي هذه الواجهة فتتوسطه حنية بها ثماني نوافذ ،كذلك تحتوي واجهة المدرسة المالكية علي خمس حنايا ،ويتوج هذه الحنايا ثلاثة صفوف من الدلايات الدقيقة ،كما تنتهي الواجهة بستة صفوف من الدلايات تمتد بطول الواجهة كلها 
ويوجد المدخل الرئيسي للمدرسة في الطرف الغربي للواجهه الشمالية ،التي يبلغ ارتفاعها "37.70" متراً وعرضها "20"متراً تقريبا ،وينقسم المدخل إلي ثلاثة أقسام الأوسط منها هو الذي يوجد فيه فتحة الباب إذ يبلغ اتساعه "12"متراً ،أما الجانبان فيبلغ اتساع كل قسم "7" أمتار تقريبا ،وقد زخرفت هذه الأقسام الجانبية للمدخل الرئيسي بزخارف منقوشة في الحجر علي شكل مربعات ومستطيلات في ترتيب هندسي جميل .(1)،إما فتحة الباب المدخل فتوجد في تجويف عميق تعلوه طاقية تنتهي بنصف كرة وملئت منطقة الانتقال من المربع إلي الدائرة بصفوف من الدلايات بلغ عددها عشرون صفا ،وقد جمعت بعض هذه الصفوف علي هيئة مثلثات مما اكسبها منظرا جميلا ً خلاباً لا مثيل له في الوجهات المصرية وان كان يشبه الي حد كبير زخارف الوجهات في العمارة السلجوقية ،ويكتنف هذا المدخل حنيتان يعلوهما دلايات صنعت من الرخام الخضر بإشكال هندسية جميله ،وكتب أعلاها بالخط الكوفي قوله تعالي "إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك " يعلوها تربيعان كتب علي أحداهما بالخط المربع "لا إِله إِلا الله محمد رسول الله " وعلي الثانية أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة "أَبوبكر عمر عثمان علي"
وقد كان لباب المدخل مصرعان من الخشب المصفح بالنحاس المكفت بالفضة والذهب نقلها السلطان المؤيد شيخ إلي مسجده بالغورية سنة "819هجريه /1416م " بعد ان دفع ثمناً لها مبلغ "500" دينار وأوقف علي مدرسة السلطان حسن مدينة قها ، ويتوج المدخل الرئيسي ستة صفوف من الدلايات تبرز عن سمت الواجهة بمقدار "1.5" متر (2)






___________________________

(1) سعاد ماهر محمد :مساجد مصر واوليائها الصالحون_ ج3_ ص282،283
(2)أبو الحمد محمود فرغلي :الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية والقبطية في القاهرة_ط3_الدار المصرية اللبنانية_القاهرة_1996_ص125
أَما الواجهة الجنوبية فيبلغ طولها "150"متراً وتحتوي علي نوافذ المدرسة الحنفية ومدرسة الحنابلة التي ترتفع إلي أربع طوابق "35"متراً وكذا إيوان الحنفية الذي يطل علي الواجهة الجنوبية يتوسطه نافذة كبيرة ،أما الضلع الغربي للمدرسة فيطل علي حديقة وساقية توصل المياه للمدرسة كما تطل علي مغسل بناه الأمير يشنك بن مهدي عندما انتشر وباء الطاعون بالبلاد سنة 884هجرية ،أَما الواجهة الشرقية التي تحوي القبلة فيبلغ طولها "68"مترا ويقع خلفها القبة ومئذنتان يبلغ ارتفاعها "81.60"مترا عن سطح الصحن ،وقد سقطت الشمالية منهما سنة"1070 هجرية/1659م"وجددها إبراهيم باشا سنة"1082هجرية"(3)
و وفي عهد الناصر حسن تغير نمط المئذنة التقليدية التي صاحبت المنشآت الدينية منذ عصر الصالح نجم الدين أيوب فاخترعت في هذا العصر المئذنة التي لها قمة علي هيئة القلة بدلا من شكل المبخرة النمطي
الظاهرة ألملفته للنظر في هاتين المئذنتين أنهما تبدآن بقواعد من الأرض ولهما سمت مضلع يبرز عن جدران المدرسة والمنارة الجنوبية هي المئذنة الأصلية التي تعود إلي العصر المملوكي ،وهي مئذنة شاهقة الارتفاع ، يبلغ ارتفاعها من ارض ألقبه "81.60م" لها كرسي مربع مشطوف من زواياه العلوية ثم بدن مثمن فتح به مشترفات بمقرنصات ودورتين بجوانب من الحجر المفرغ ثم منطقة البابات التي قمة علي هيئة القلة (1)
وأضيف إلي المئذنة عدة وظائف أخري تتمثل في الذكر والسلام علي سيدنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم ،والتبليغ خلف ألائمة (2)
دركاة المدخل:
يؤدي المدخل السابق إلي دركاة مربعة المساحة عبارة عن تكوين صغير لمدرسة من ثلاثة ايونات أما الضلع الرابع فهو باب الدخول إلي المكان ،بصدر هذه الدركاة مصطبة عميقة مكسية بالرخام والي اليمين منها شباك يطل علي الجهة الشمالية الغربية ،أما يسار ففتحت الباب التي توصل إلي دهليز منكسر يوصل إلي احدي المدارس الفرعية والي صحن المدرسة ،ولهذه الدركاة سقف علي هيئة قبة من الحجر المشهر محمولة علي صفوف من المقرنصات ذات الدلايات (3)



_______________________

(3)عبد الله عطية عبد الحافظ:الاثار والفنون الإسلامية_مكتبة النهضة المصرية_القاهرة_2007_ص158
 (1) حسن محمد نويصر:العمارة الإسلامية في مصر_ص211
(2)العربي صبري عبد الغني عمارة:دراسة مقارنة لطراز العمائر الدينية المملوكية البحرية الباقية بمدينتي دمشق والقاهرة_رسالة دكتوراه_جامعة القاهرة_ج1_2003_ص143
(3)حسن عبد الوهاب:تاريخ المساجد_ج1_171 
وهذا الصحن مستطيل الشكل تبلغ مساحته (34.60*32م) يتوسطه فسقية من الرخام محاطة بثمانية أعمدة تحمل قبة خشبية مدون عليها أجزاء من القران الكريم وتاريخ الانتهاء من البناء ،وقد كسي الصحن بطبقة من الرخام المتعدد الألوان علي هيئة مسطحات كبيرة للتقليل من اللحامات حتى لا يفسد الرخام من تغيير درجة الحرارة (4 )
يعتبر إيوان القبلة من اكبر الايونات الموجودة في مصر علي الإطلاق إذ أن عمقه حوالي (32.5م)وفتحة عقدة (19.20م) له سقف علي هيئة عقد مدبب من الحجر ،يذكر المقريزي أن القالب الذي بني عليه هذا القبو تكاف مائة ألف درهم وبعد الانتهاء من القبو وضع هذا القالب علي الكيمان وقد اعتبر كثير من المؤرخين هذا القبو أعجوبة عصرهم حي أن الققشندي يذكر عن هذه المدرسة "أنه لم يسبق إلي مثلها واسمع في مصر من الأمصار بنظرها يقال أن إيوانها يزيد في المقدار علي إيوان كسري بأذرع حددها المقريزي بأنها خمسة اذرع ".(1)
ولزيادة الفخامة تتدلي من الإيوان سلاسل نحاسية كانت معدة لحمل المشكوات الزجاجية المموهة بالميناء لإضاءة المدرسة . ويبدو أن كل جدران الإيوان كانت مكسية بوزات رخامية عالية فقد معظمها ما عدا جهة القبلة . ويتصدر المحراب الجهة الجنوبية الشرقية ،وهو علي هيئة حنية نصف دائرية يكتنفها عمودان من الرخام المتعدد الألوان بينما زخرفت الطاقية بأشكال دالية ويتوج واجهة المحراب طارتان من الصنجات المعشقة ،ويجاور المحراب من اليمين منبر من الرخام يعد في حد ذاته تحفه فنية رائعة إذ أن له بابان من النحاس المفرغ وجوصق بقمة علي هيئة القبلة مزخرفة بالجفت البارزة .
ويلو الوزرات الرخامية أشرطة من الجص القالبي مزخرفة بآيات قراء نية بالخط الكوفي علي أرضية من الزخارف النباتية .(2)
ويحيط بالصحن ثلاثة إيوانات تكاد تتوازي في مساحتها وهي مغطاة باقبية حجرية مدببه وتفتح بوجهتها علي الصحن بعقود مدببة من النوع المسمي بالعبد المخموس ،وكانت هذه الايونات مكسية بوزرة من الرخام المتعدد الألوان إلا أن هذا الرخام مفقود منذ زمن بعيد (3)





_______________

(1) سعاد ماهر:مساجد مصر_ج3_ص284 ؛ د.حسن نويصر_العمارة الإسلامية_ص207
(2) حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد_ ج1 _ 172
(3) عبد الله عطية عبد الحافظ: الآثار والفنون الإسلامية _ص157
(4)أبو الحمد فرغلي:الدليل الموجز _ص127 

المدارس الفرعية :

ويوجد بزوايا الصحن أربعة أبواب تؤدي إلي المدارس الفرعية الملحقة بالجامع الكبير ،وتتكون كل مدرسة من صحن وإيوان واحد لتدريس المذهب ،وحول هذه المدرسة توجد حجرات الطلبة الدارسين في طابق متعددة ،واكبر هذه المدارس هي المدرسة الحنفية التي تقع بالزاوية الجنوبية من البناء بينما تقع المدرسة الشافعية بالزاوية الشرقية أما المدرسة المالكية بالزاوية الشمالية ،و المدرسة الحنبلية وهي اصغر المدارس فهي تقع في الزاوية الغربية من البناء وتفتح نوافذ خاوي الطلبة أما علي الصحن أو علي خارج البناء حيث تظهر في الوجهات الخارجية . وتتوسط هذا الصحن نافورة لتلطيف حرارة الجو في الصيف .ويوجد علي المداخل الرئيسية لهذه المدارس آيات قرآنية ثم اسم المذهب الذي تمثله هذه المدرسة (1)

القبة الضريحية:

يتوصل إلي القبة الضريحية الملحقة بمدرسة السلطان حسن عن طريق مدخلان عن يمين ويسار المحراب الرئيسي بإيوان القبلة ،هذان البابان من النحاس المكفت بالذهب عليها اسم السلطان حسن . والقبة مربعة المساحة يبلغ طول ضلعها 21 مترا وارتفاعها إلي قمة القبة الحالية 48مترا ،جدارها الجنوبي الشرقي حنية محراب من الرخام ،والجدران كلها مؤزرة بالرخام ،ويعلو ذلك شريط خشبي عليه نص قرآني بالخط ألنسخي المملوكي عبارة عن آية الكرسي ثم تاريخ الانتهاء من القبه عام 764 هجرية .
 يبرز مربع القبة عن الواجهة الجنوبية الشرقية وقد كانت القبة الأصلية من الخشب ومغطاة من الخارج بطبقة من الرصاص إلا أنها سقطت في منتصف المحرم عام 1070 هجرية /1659 م وأعاد بنائها إبراهيم باشا سنة 1082هجرية /1671م وهي قبة ذات قطاع مدبب ودعمت قاعدة القبة الضخمة من الخارج بست عشر دعامة اسطوانية لتمنع رفس حجارتها من عقد الدائرة للقبة ودعمت كذلك رقبة القبة ألمثمنه بثمان دعائم مماثلة غير أنها أضخم حجما وقد زودت قمة القبة الخارجية بسارية برونزية علي شكل هلالي. (2)



________________________________

(1)حسن نويصر:العمارة الإسلامية_ص210 ؛د.أبو الحمد فرغلي _الدليل الموجز_ص127
(2) سعاد ماهر: مساجد مصر_ح3_ص285
منطقة الانتقال :

تتكون منطقة الانتقال من القبة من مثلث معكوس من المقرنصات قاعدته لأعلي وقمته لأسفل ،وهذه المقرنصات من الخشب المجلد بالتذهيب والألوان . 
أما القبة فكانت أيضا من الخشب المجلد بالتذهيب والألوان ولها سطح مغلف ببلاطات من الرصاص علي غرار قبة الصخرة وقبة الإمام الشافعي ،إلا أن هذه القبة سقطت سنة 1071 هجرية /1661م ،وكانت تشبه القباب السمرقندية التي لها رقبة طويلة ثم خوذة علي هيئة نصف دائرية وكانت اعلي من القبة الحالية .
أما القبة الحالية التي جددها إبراهيم باشا فهي مبنية علي غرار القباب المغولية المنبعجة يحيط بها من الخارج أكتاف اسطوانية ،وشكل هذه القبة مأخوذ من قبة الاشرف خليل بن قلاوون بشارع الخليفة .(1)

أرضية القبة :

يتوسط أرضية القبة تركيبة من الرخام تعلو القبر الموجود أسفل القبة ،وقد تم إنشاء هذه التركيبة بعد وفاة السلطان حسن بأربع سنوات ،وقد سبق القول أن السلطان حسن نفسه لم يدفن في هذه القبة ،وأنها اكتملت بعد ذلك ليدفن فيها ابن السلطان حسن المعروف بالشهابي احمد المتوفى سنة 788هجرية .
والملاحظ أن المعمار قد وضع القبة الضريحية خاف إيوان القبلة الرئيسي_كما أوصي السلطان حسن_، حتى يستفيد المقبورون في الضريح من صلاة المسلمين المستمرة في هذا المكان .(1)
تقع ملحقات هذه المدرسة بالجهة الشمالية الغربية منها ويتوصل إليها عن طريق سلم هابط يوصل إلي 412 م أمتار مربعة ،يتوسطها ميضأة من الرخام الأبيض وحولها مجموعة من دورات المياه ، والي الخلف من هذه المجموعة توجد ساقية ترفع المياه من بئر لا يزال موجود حتى اليوم ،لتوصيل المياه إلي المدرسة لاستعمال الصوفية .(2)







_____________________________
 (1)حسن محمد نويصر :العمارة الاسلامية _ص209
  (2) حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد_ص176

ثانيا العاملون بالمدرسة ووظائفهم ومرتباتهم
جعل السلطان حسن لكل مذهب من الذاهب الأربعة شيخاً ومائة طالب من كل فرقة خمسة وعشرون متقدمون وثلاثة معيدون .ورتب لكل شيخ ثلاث مائة درهم نقرة في الشهر ولكل معيد مائة درهم نقرة وخصص لطلبة كل مذهب من الذاهب الأربعة،أربعة آلاف درهم ومائتين وخمسين درهما نقرة شهرياً .ويزداد لكل طالب من كل فرقة فوق راتبه الشهري عشرون درهما نقرة برسم كونه نقيباً عليهم . ويزداد لطالب شاق عشرة دراهم برسم كونه داعياً للسلطان عقب كل قراءة "اي قراءة القران .(1)
كذلك عني السلطان حسن أن يسجل في وقفيته تخص، المدرسين ،فرتب مدرسا لكتاب الله وتفسيره ،كما رتب مدرسا للحديث النبوي ورتب له قارئا بكونه أهلا لقراء الحديث الشريف ورتب لقاضي القضاة تاج الدين أَبي نصر عبد الوهاب الزخزوخي ألسبكي الشافعي الحاكم بدمشق المحروسة كل شهر ثلاث مائة درهم نقرة حتى نهاية حياته ثم تكون لقاضي القضاة الشافعي بالشام وهكذا  ينتقل من قاض إلي أخر .(2)
ورتب بالايوان القبلي من الجامع ميعادا ورتب له شيخا متصدرا عالماً مفتيا مشهورا بالديانة ورتب معه مقرئا أهلا للقراءة علي أن الشيخ والمقرئ يحضران به أربعة أيام من الأسبوع منها يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة فيقراء المقرئ ما تيسر من القران وما تيسر من الحديث النبوي الشريف والأذكار ،ويصرف للشيخ في كل شهر ثلاث مائة درهم نقرة وللمقرئ أربعون درهماً ورتب مادحا يمدح رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمسجد بعد الفراغ من القراءة ثم يدعوا للسلطان حسن ولوالديه ولذريته ولجميع المسلمين وله في الشهر أربعون  درهما. 
وكانت المدرسة تحتوى على 400 طالب في المدارس الفرعية (3)











_____________________________

(1)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية في مصر _ص215
 (2)سعاد ماهر : مساجد مصر وأوليائها الصالحين _ج3_ص288
  (3) حسن عبد الوهاب : تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة _ج1_ص174
أما القبة فقد حظيت باهتمام كبير من الواقف علي اعتبار انه سيدفن بها ،فقد رتب بها ستين من القراء يتناوبون القراءة ليلاً ونهاراً .وكان بالقبة مصحف شريف صنع له كرسي خاص ،كما رتب له رجلا لحمله ووضعه علي الكرسي للقراءة كل يوم بعد صلاة الصبح وقبل صلاة الجمعة وبعيدة الي موضعه بعد الفراغ من القراءة .كما رتب حارساً للمكتبة ورجلين لخدمة المزملة "المزيرة" وحفظ أوانيها وتنظيفها وملئ الكيزان وسقي من يرد عليها .(1)
وخصص عشرين فراشاً كل عشرة في يوم وستة بوابين للحفظ وغلق الأبواب وفتحها .كما عمل علي محو أمية الأطفال اليتامى ،فجعل من المدرسة مكتبين بمؤدبين وعريقين ومائة يتيم يتعلموا القران والخط ،وقرر للأيتام ثلاثة ألاف درهم نقره لنفقة الأيتام وكسوتهم ، وإذا أتم اليتيم حفظ القران يعطي خمسين درهما ويعطي مؤدبه خمسين أيضا.ويُشتري للأطفال ما يلزم من الحصر والألواح والمداد والمحابر والأقلام مع نقل ما يلزم من الماء لشربهم وغسل وجوههم ،وشَرط أن من بلغ من الأيتام يستبدل بغيره .(2)
ورتب حكيمين مسلمين أحداهما خبير بمعالجة الأبدان والأخر عرف بصناعة الكحل يحضر كل منهما يوما المسجد ليداوي من يحتاج من أرباب الوظائف والطلبة وغيرهم ويصرف لهما في كل شهر مائة وعشرون درهما نقرة ورتب معهما جراحا له في الشهر أربعون درهما ويصرف لناظر الوقف في كل شهر ألف درهم ،ولمن يتولى استيفاء حساب الأوقاف في الشهر أربعمائة درهم ولشاهدين يضبطان ما يحضر من ريع الوقف ثلاثمائة درهم في الشهر ورتب عاملا يختص بكتابة الحساب له كل شهر مائة وخمسون درهماً ورتب شاداً لتحصيل مصالحه واستخراج ما يحتاج استخراجه وله في الشهر مائتا درهم.(3) 










___________________________________ 

(1)الحسن بن عمر بن الحسن :تذكرة في أيام المنصور وبنية _حققه.محمد محمد أمين _ج3_الهيئة المصرية العامة للكتاب_القاهرة _1986_ص362،363 .
(2) سعاد ماهر :مساجد مصر وأوليائها الصالحون _ج3_ص289 .
(3)حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة _ج1 _ص174 .
كما عني السلطان حسن بذكر أدوات الإضاءة فقرر شراء أربع مويكبات من 
مصرية،اثنان لمحراب القبلة ،كذا فرش المسجد بالحصر والبسط والقناديل وزيت الوقود ،كما قرر في كل ليلة جمعة صرف خمسة اناطير من اللحم وثمن عشرين قنطارا من الخبز والقرصة عير ما أمر من العسل والحبوب وحب الرمان والادهان والحطب وأجرة من يتولى طبخ ذلك وغرفة ويُصرف نصف ما صُنع لأصحاب الوظائف ونصفه يفرق علي الفقراء والمساكين .هذا وهناك مقررات خاصة بالمواسم والأعياد عني الواقف علي ذكرها موضحا مقدار كل صنف من الأصناف وأوجه البر التي تصرف فيه ،كما قرر أن يصرفكل سنة قيمة ألف قميص وألف طاقية وألف مداس تفرق علي الطلبة وارباب الوظائف والفقراء .(1)
جملة أرباب الوظائف :
الطلبة :506 
الايتام :200
ارباب الوظائف :340

  الجملة : 1046
جملة المصروف شهريا :46,550  درهما نقرة
جملة المصروف سنويا :558,600  درهما نقرة  (2)
















_________________________________

(1)علي باشا مبارك:الخطط التوفيقية _ج4_ص86،85 
(2)الحسن بن عمر :تذكرة البينة _تحقيق د.محمد احمد أمين_ج3_ص366

الدراسة التحليلية

من حيث الوظيفة :

اختلف كبار العلماء والمؤرخين العرب والأجانب حول تسمية المشاءة فأطلق عليها المقريزي "الجامع الذي يعرف بمدرسة السلطان حسن "،وأطلق البعض الأخر اسم "جامع السلطان حسن ،أو مدرسة السلطان حسن ،أو مسجد مدرسة السلطان حسن ،أو مدرسة ضريح السلطان حسن "،والواقع ان تصميم هذه المنشاة هو نموذج للمدرسة الإسلامية ،واية ذلك ما نصت عليه حجتا السلطان حسن ،من ان الوظيفة الرئيسية ان تكون مدرسة وحددت مكان جلوس الفقهاء الأربعة (1)
تعددت مخططات العمائر الدينية في عصر دولة المماليك البحرية في مدينة القاهرة واتُبع في بناء المنشآت عدد من الأنظمة بعضها قديم متوارث والأخر استحدث لخدمة أغراض جديدة تطلبها ذلك العصر .
وكان السبب في ذلك التعدد يرجع إلي عدد من الاعتبارات التي كان علي المعماري أن يراعيها عند التخطيط وبعض هذه الاعتبارات وظيفي يرتبط بالوظيفة التي ستؤديها المنشأة والبعض الأخر عقائدي يرتبط بعدد من الاعتبارات الدينية .
ونتيخة لذلك تعددت طرز البناء ومنها طراز مسجد السلطان حسن الذي يتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربع ايونات أكبرها وأعمقها إيوان القبلة . لأنه عادة ما يوقف علي انه مسجد في الوقف ،وهو أيضا يشتمل علي العناصر المادية للمسجد او المدرسة من "منبر ومحراب ودكة المبلغ " .
وورد هذا التخطيط في دمشق في مدرسة الأمير سيف الدين تنكز "728هجرية/ 1327م "وفي القاهرة في مدرسة الظاهر بيبرس بالنحاسين "660هـ /1260 م " وفي مدرسة السلطان حسن بميدان صلاح الدين "757هـ /1356 م" . (2)










___________________________

(1)علي باشا مبارك:الخطط التوفيقية_ج4_ص95 
(2)الحسن بن عمر :تذكرة البينة _تحقيق د.محمد احمد أمين_ج3_ص380
جاءت الوجهات الخارجية في العمائر المملوكية معبرة عن العمارة التي خلفوها ،من ضخامة النسب والإحجام والتي عكست طبيعة عصر برز فيه أمراء أقوياء تنافسوا فيما بينهم وتفاخروا في إظهار عظمتهم حتى في قصورهم ومنازلهم بل والمساجد التي شيدوها فحرصوا علي كبر مساحتها قدر الامكان وضخامة عناصرها وزيادة زخارفها .كانت الوجهات الرئيسية أضخم الوجهات الخارجية ،وقد اهتموا بان تبني علي الشارع الرئيسي ووظف لها اكبر الإمكانيات حتى تعكس صورة المبني في الأذهان ويوجد بها المدخل الرئيسي ويتمثل ذلك في الواجهة الشمالية الشرقية لمدرسة السلطان حسن وبها المدخل من الغرب ،وجاء المدخل هنا تذكاريا ضخما ملئ بالمقرنصات التي يعكس ثرائها وفخامة وتميز الواجهة .
ومن الأساليب التي اتبعها المعماري المملوكي في وجهات العمائر في الواجهات إلي عدد من الداخلات الرأسية والتي يختلف عددها من واجهة إلي أخري حسب طول الواجهة .وكان الغرض من هذا التقسيم أمر وظيفي حيث يربط كل قسم من أقسام الواجهة القسم الأخر فلا تسقط الواجهة بسبب طولها ،وجاءت الداخلات الرأسية في واجهة مسجد السلطان حسن ذات صدور مقرنصة وتشتمل كل داخله علي ثمان نوافذ ولا توجد هذه الداخلات ذات الثمانية نوافذ في مكان آخر غير مسجد السلطان حسن ولكن داخلات تشتمل علي نافذة أو اثنين أو ثلاثة أو أخري .
المدخل يعد الصلة للواجهة الخارجية الرئيسية للمنشاءة والمدخل هو الطريق إلي المبني ،وهو أول ما تقع علية عين الرائي من أجزاء المنشاءة فيعطي الشعور الأول الذي يبقي أثرة لفترة طويلة ولذلك أصبحت المداخل أهم أجزاء الوجهات وتظهر بها رغبة المنشئ وتركزت بها جهود المعمار، وتتكون من كتل ضخمة قوية ،ويظهر ذلك بوضوح بين في المدرسة موضع البحث (1)












_____________________________
 (1)مني محمد بدر:اثر الحضارة السلجوقية في دول شرق العالم الإسلامي علي الحضارتين الأيوبية والمملوكية بمصر_ج2_ط1_مكتبةزهراءالشرق_ القاهرة _2002_ص144 /عزوان ياغي :العمائر السكنية _ج1_ص347
وجاء المدخل هنا أيضا مدخل منكسر او غير مباشر بمعني انه يفتح علي دركاة أولا ثم دهليز منكسر ثم إلي الصحن وذلك من أسباب التحصين وحجب الرؤية من الخارج ومنع الملوثات أو تصعيب الطريق عليها الي الصحن , وأيضا حتى يرى القادم من بعين المدخل المؤدى للجامع ,وكان كما ذكرنا انه مدخل تذكاري
وتوجد خلف المدخل الدركاة التي بها جلسة من الأحجار الملونة التي تستخدم النظام المشهر والذي يطلق علي الألوان الطبيعية الواضحة والمتباينة في درجات ألوانها ومنها الأبيض والأحمر والأصفر وغيره ،والمشهد اعم واشمل من (الأبلق) حيث يقتصر (الأبلق) علي لوني الأبيض والأسود، ومن أقدم المنشآت التي استخدم فيها الحجر المشهد جامع الزيتونة في تونس(114هـ /732م ).(1)
الصحن :
يقصد به المساحة المكشوفة المحافة بالوحدات المعمارية من جهاتها الأربع سواء كانت أروقة أو ايونات أو خلاوي،ويطلق عليه الدورقاعة  والباحة والبهو.
وللصحن أهمية كبيرة في المنشات المعمارية الإسلامية بصفة عامة دينية أو مدنية والصحن أحد وسائل التهوية والإضاءة وهي وظيفة حيوية لا تستقيم الحياة بدونها في داخل المنشاءت التي تكتظ بالطلبة أو المصلين،ولم يقنع المهندس في مدرسة السلطان بصحن واحد رئيسي تفتح عليه الايونات الأربعة المكونة للمدرسة بل جعل لكل مدرسة فرعية صحنا خاص بها .
ولقد تميزت الصحون بوجود فساقي للوضوء بها ،والتي بدورها تعمل علي ترطيب المكان في فصل الصيف ،وقد ثبت بالتجربة ان درجة الحرارة داخل الصحن تنخفض بمقدار درجتين عن درجة الحرارة السائدة في المنطقة ،ولإحداث التهوية الجيدة ،وبما ان درجة الحرارة منخفضة إذا فهو مكان ضغط مرتفع والخارج مكان ضغط منخفض ونتيجة الاختلاف في الضغط يتكون تيار هواء مستمر من الصحن إلي الخارج يحمل معه الملوثات العالقة داخل الصحن.(2)









________________________________

(1)عبد الحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها.ص117
(2)عبدا لحميد يونس:تاريخ مصر القديمة وأثارها.117؛117

يعتبر إيوان القبلة من أهم ايونات المسجد وذلك لاشتماله علي دخلة المحراب ،ويعتبر أكثر الايونات اتساعا وعمقاً كما ذكرت سابقا هو إيوان مدرسة المنصور قلاوون ومدرسة ابنه الناصر محمد بن قلاوون "703هـ /1303م" ،وأيضا مدرسة السلطان حسن "757هـ /1356م" ،وكان يُخصص لأتباع أكثر الذاهب انتشاراً.
ومن حيث الزخارف حرص المعماري علي الاهتمام بهذا الديوان وذلك في زخرفت جداراته بالوزرات الرخامية المتعددة الألوان والشريط الكتابي المكتوب بالخط الكوفي والزخارف الجصية .
انفردت منشآت القاهرة بوجود دكة المبلغ في نهاية ايوان القبلة غلي الصحن ويظهر ذلك عن هذه المدرسة ولعل ذلك يرجع إلي اتساع مساحة المدرسة وبعد الايوان الشمالي الغربي عن إيوان القبلة مما يستدعي وجود مبلغين عن الإمام في الصلاة، وتميزت محاريب المنشآت الدينية المملوكية البحرية بالقاهرة بالثراء الزخرفي حيث استُعملت في زخرفتها الزخارف الرخامية بكثرة وأيضا زخارف الفسيفساء 
أن دراسة القباب الضريحية في العصر المملوكي البحري تقودنا إلي أمر هام هو أن هذه القباب كانت سبب في إنشاء العديد من المنشآت الدينية الأخرى ،أما مناطق انتقال القباب يعد الغرض منه هو تحويل المربع السفلي إلي مثمن او شكل مستدير ليسهل تغطيتة بالقبة ،ويوجد في هذه المدرسة في قبة الضريح مناطق انتقال عبارة عن مثلثات ركنية مقلوبة ذات مقرنصات تغطي بغطاء خشبي ويوجد انواع اخري من مناطق الانتقال مثل الحنايا الركنية والمثلثات الكروية 
ويلاحظ علي نواصي منطقة الانتقال اهتمام المعماري بتدعيم تلك النواصي بدعمات في الأركان الأربعة وذلك خاصة في القباب التي تتسع أقطارها مثل قبة الضريح في مدرسة السلطان حسن (1)











____________________________
 (1)صالح لمعي مصطفي :القباب في العمارة الإسلامية _دار النهضة 
العربية_بيروت_ص13



يعلو منطقة الانتقال رقبة القبة التي تُركب أعلاها الخوذة ،والرقبة مثمنة الشكل ويتخللها عدد من النوافذ للإضاءة والتهوية وحتى تخفف ثقل القبة ،ويُتوج رقبة القبة الخوذة والتي تعطي المدرسة شكلها الظاهري وحرص المعماري علي استخدام مواد خفيفة في بناء خوذة القبة لتخفيف الوزن علي الجدران التي حرص علي ان تكون من الحجر لتحمل ثقل مناطق الانتقال والقبة ،والقبة الأصلية كانت من الخشب مصفحة بالرصاص من الخارج 
كما تعتبر المئذنة من عناصر الانتفاع المهمة بالمنشآت الدينية ،وجاءت المئذنة هنا ذات قاعدة مربعة يعلوها طابق أول مثمن ثم طابق ثان مثمن ثم جوصق تتوجه قمة علي شكل القلة أو كمثرية الشكل واستخدم بها الجدران علي نطاق كبير
وأما عن الزخارف فيعتبر هذا المجد بحق اغظم المساجد المملوكية واجلها شانا فقد جمع ضخامة البناء وجلالة الهندسة وتوفرت فيه دقة الصناعة وتنوع الزخرفة كما تجمعت فيه شتي الفنون والصناعات حيث يوجد الحجر المحفور مثلاً في زخارف المدخل ومقرنصاتة العجيبة ،وبراعة صناعة الرخام متمثلة في وزارتي القبة وإيوان القبة ومحربيها الرخاميين والمنبر ودكة المبلغ وسعة مداخل المدارس الأربعة المشرفة علي الصحن ومزررات وأعتاب أبوابها كما نشاهد دقة صناعة النجارة العربية وتطعيمها مجسمة مثلاً رائعا لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس المشغول علي هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محورة مفرغة بزخارف دقيقة ،وما يقال عن هذا الباب يقال عن باب المنبر .(1)
وهناك علي احد مدخلي القبة باب مصفح بالنحاس كفتت حشواته بالذهب والفضة علي اشكال وهيئات زخرفية جديرة باقناعنا بعظيم ما يحتويه المسجد من روائع الفن وما انفق في سبيل ذلك من اموال طائلة .
وقد ازدحمت روائع الفن في هذا المسجد فاشتملت علي كل ما فيه ل افرق في ذلك بين الثريات النحاسية المشكاوات الزجاجية وقد احتفظت دار الآثار العربية بالقاهرة بالكثير من هذه التحف النادرة وهي تعتبر في أدق وأجمل ما صنع في هذا العصر .(2)








_________________________________

(1)مني بدر :أثر الحضارة السلجوقية _ج2_ص179 
  (2) العربي صبري :دراسة مقارنة لطرز العمائر الدينية المملوكية _ص132؛136 

ثانيا الهدم والبناء في المسجد علي مر التاريخ

كان موت السلطان حسن المفاجئ سببا في عدم استكمال الاعمال البنائية التي تبرز شكل المدرسة في صورتها النهائية ولو تم ذلك لعدت من عجائب الدنيا في العصور الوسطي . وتولي الأمير بشير اغا الجمدار استكمال بعض الأجزاء الناقصة في هذه المنشأة الضخمة فقام بعمل التكسيات الرخامية الخاصة بابواب المدرسة الفرعية الموجودة علي صحن المدرسة ،كما قام ببناء القبة الخسبية الأصلية التي تغطي الحجرة الضريحية وكساها ببلاطات من الرصاص ،كما بني قبة النافورة الموجودة للآن علي الصحن وعمل مصراعي الباب الرئيسي (الشمالي) الموجود حاليا بمدرسة السلطان المؤيد شيخ.
وقد مرت هذه المدرسة بأطوار من الهدم والبناء علي مر السنين طوال العصرين المملوكي البحري والجركسي وامتد أيضا في العصر العثماني .(1)
فقد اورد المؤرخون القدماء والمحدثون أن موقع مدرسة السلطان حسن وضخامة منشآتها لعبا دورا خطيراً تجاه مقر الإدارة في مصر وعنوا بذلك قلعة الجبل ،فإذا ما حدثت ثورة أو فتنة بين الأمراء والسلطة الحاكمة تكون القلعة هي الشغل الشاغل للثوار ومن ثم كانت مدرسة السلطان حسن هي الطريق الي تحقيق هذه الغاية ،فكثيرا ما اعتلي الثوار ظهر المدرسة ونصبوا منجانيقهم لضرب القلعة وهدمها علي من فيها مثلما حدث في عصر السلطان برقوق عام 791هجرية حين نصب الثوار المؤيدين لبيت أسرة قلاوون المكحلة علي ظهر المدرسة وضربوا بها القلعة وأدي ذلك إلي عزل السلطان برقوق من سلطنته الأولي ،ولهذا بادر السلطان عند عودته للسلطنة عام 792هجرية بهدم السلالم الموصلة إلي سطح المدرسة وسد الباب الرئيسي بالمباني وفتح بدلا منه أحد الشبابيك المطلة علي ميدان الرملية (القلعة) ليكون باباً للدخول الي المسجد .(2)
وفي عصر السلطان المؤيد شيخ سنة 815هجرية نكبت المدرسة انتزاع هذا السلطان مصراعي الباب الرئيسي ليضمهما بمدرستة بتحت الربع سنة 818هجرية كما اخذ منها أحد التنانير التي تستخدم في الإضاءة .(3)





_____________________________________

(1)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية _ص213
(2)حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد _ج1_ص174
 (3)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية _ص214 

وتزدهر المدرسة مرة أخري في بداية حكم السلطان الاشرف برسباي عام 825هجرية حين أعاد ترميم سلالم منارتها وسمح بالذان من عليها وأصلح الباب الرئيسي وأعاد فتحه وركبت عليه مصاريع جديدة . 
وفي عام 842هجرية عاود الامراء الثوار الهجوم علي القلعة في سلطة السلطان الظاهر أبو سعيد جقمق فأمر هذا السلطان بهدم السلالم الوصلة الي الآذن والي السطح العلوي. وفي عام 858هجرية تالقت المدرسة مرة اخري في عهد السلطان اينال حين امر المهندسين بفحص منارتها القبلية (الجنوبية)لخوفه من تصدعها فوجدت بحالة جيدة الا ان القبة الكبيرة نالها التخريبمن جراء ضربها بالمجانيق واعوج هلالها فرفع منها (1)
وفي موقعة اقبردي سنة(902هجرية/1497م)حاصر المماليك القلعة من اعلي المدرسة وضربوها بالمكاحل ،فقوبل العتداء بالمثل فصوبت المكاحل علي المدرسة فأصيب شباك المدرسة ونهبت بسط المدرسة وقناديلها ورخامها .ثم جدد الامير طومانباي الدودار الثاني سنة 903هجرية جدران المدرسة واصلح ما تلف منها واعاد لها الخطبة واقامة الشعائر ؛وقد حاول الاشرف حنبلاط هدم جزاء بسيط خلف محراب القبة لكنه أوقف العمل لصعوبته .وحينما توالي العادل طومانباي الذي حكم مصر سنة906 هجرية امر بترميم ما فسد منها .(1)
ولما زار مصر الرحالة المغربي الورثيلاني سنة(1179هجرية 1765م ) وجد جدارا كبيرا مهدوما من المسجد وكان العمل جاريا في رفع انقاضه ،وبعودته من الحج بعد سنه ونصف وجدهم قد فرغوا من ترميمه ولعل هذه العمارة لاصلاح ما هدمه جان بلاط(2)
وفي عام 1149هجرية حدثت معركة في بيت محمد بك الدفتردار تسبب عنها قتل احدا عشر اميراًفاغلقت المدرسة وسد بابها الكبير وفتح بدلا منه شباك وظلة الدرسة متهدمة لمدة 51عاما. وفي عام 1200 طلب سليم اغا مستحفظان من ابراهيم بيك ومراد بيك الإذن بإصلاح المدرسة وتخلية ما حولها من المباني المحدثة وإصلاح منارتها وتم له ذلك وبني سلالم جديدة وفتح الباب الرئيسي وركب امامه مسبطه وسلالم هي الموجودة الان .(3)






________________________________

(1) سعاد ماهر :مساجد مصر _ج3_ص287
(2)حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة _ج1_ص176
(3)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية _ص215
(29)
وقد بنيت واجهات هذا الجامع كلها بالأحجار الضخمة المستجلبة من جبل المقطم القريب منها والذى كان يعرف في هذه الفترة بجبل المقطب , وتتبع هذه الواجهات نظام البناء الذي ظهرت بواكيره فى عصر الايوبيين من حيث تقسيمها الى واجهات راسية تشتمل على نوافذ سفلية من البرونز او النحاس ذى المصبعات بينما تحتل القندليات البسيطة او المركبة الجصية ذات الزجاج الملون للاجزاء العلوية من هذه الدخلات او التجاويف.
اما عن المئذنة فقد تغير نمطها فى عصر الناصر حسن والتى صاحبت المنشآت الدينية منذ عصر الصالح نجم الدين أيوب فأخترع فى هذا العصر المئذنة التى لها قمة على هيئة القلة بدل من شكل المبخرة النمطى واصبح هذا النموذج النمطي الجديد هوة المميز لشكل المئذنة حتى نهاية عصر الجراكسة , فنراه واضحا على كل المنشآت التى من عصر الناصر حسن مثل مسجد الامير شيخو بشارع الصلبية ومدرسة السلطان حسن نفسه , ومدرسة الامير صيرغتمش بشارع الصلبية ومدرسة أولجاى السوسفى بشارع سوق السلاح .(1)

مهندسو البناء :
لا يزال اسم مهندس هذا العمل المعمارى الفذ محل اخد ورد , وقد حاول العالم هرتس أن يرجع انشاء هذا الاثر الهام الى مهندس بيزنطى وذلك استنادا على حلية على مدخل الرئيسى , فسرها على انها تشير الى موطن هذا المهندس وفى هذا مبالغة شديدة لانكار حق المسلمين فى التشييد والمعمار.
ويذكر العالم الاثرى المرحوم حسن عبد الوهاب انه على الرغم من عدم وجود لقب مهندس بجوار اسم محمد بن بيليك إلا انه هوة مهندس البناء الذى خططه وصممه.
إلا ان هذا الرأى لم يعتد به ايضا لان الشاد على العمائر ليس هو المهندس الذى خطط التصميم , بل هوة الملاحظ الذى اشرف على تفيذ البناء.
اما عن المهندس فلا يزال اسمه غير معروف حتى الان , ويبدو ان هذا العمل الخارق الجبار لم يكن من صنع او تخطيط مهندس واحد بل كانو مجموعة من المهندسين , فيذكر لنا ابن تغرى بردى ان السلطان حسن لما شرع فى عمارة المدرسة جعل عليها مشيدين ومهندسين واجتهد فى عملها أما مصروفها وما اجتمع بها من الصناع فكثير جدا لا يدخل تحت حصر.(2)






________________
(1) سعاد ماهر :مساجد مصر _ج3_ص290
(3)حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية _ص205
الخاتمة
وفي خاتمة هذا البحث أذكر نفسي وغيري بقوله سبحانه وتعالى:فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ الكهف: 110 [ألا فلنعمل الصالحات ونجتنب الفواحش والموبقات ليرضى عنا رب الأرض والسماوات.
وبحمد الباري ونعمة منه وفضل ورحمه نضع قطراتنا الأخيرة بعد رحلة عبر ثلاثة موانئ بين تفكر وتعقل في جامع السلطان حسنوقد كانت رحلة جاهده للارتقاء بدرجات العقل ومعراج الأفكار فما هذا الجهد مقل ولا ندعي فيه الكمال ولكن عذرنا أننا بذلنا فيه قصارى جهدنا فان أصبنا فذاك مرادنا وان أخطئنا فلنا شرف المحاولة والتعلم ولا نزيد على ما قال عماد الاصفهاني:رأيت انه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في عده لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر..وأخيراَ بعد أن تقدمنا باليسير في هذا المجال الواسع آملين أن ينال القبول ويلقى الاستحسان..وصل اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
وأثناء دراستي توصلت إلي وجود اختلاف كبير بين العلماء والكتاب حول تاريخ ميلاده وعمره عند الوفاة فمنهم من يقول انه ولد عام 735هـ/1334م مثل الدكتور كمال الدين سامح والبعض الآخر يقول انه ولد عام 736هـ/1335م مثل الدكتور عبد الله عطية عبد الحافظ وتبعا لاختلاف المولد يختلف عمره عند الوفاة فالبعض يقول سبعة وعشرين سنة مثل المقريزي والبعض الآخر يقول ثلاثين واحدي وثلاثين 
وأرجح انه ولد عام 735هــ/1334م .
،ومات عن عمر يقبر من سبعة وعشرون عام .
وقد وجد أن كل الكُتاب يذكرون انه السابع من أولاد الناصر محمد بن قلاوون في الحكم ولكني بتتبع أولاد الناصر محمد في الحكم أجده السادس ولقد ذكرت أولاد الناصر الذين حكموا من بعده في الفصل الأول وترتيبه هو السادس في سلطنته الأولى والثامن في الثانية وعلى ذلك فهو السادس من أولاد الناصر في السلطنة من بعده .
وهنا بدأ سن القلم ينكسر  وتتمزق حواف الأوراق 
والرياح تأخذ ما تبقى في أيدينا من لحظة جمعتنا فيها جل أنواع الإخاء 
تلاقينا تفرقنا عدنا ثم ها نحن نطرق أبواب الرحيل لنصل إلى مفترق الطريق 
ونقطة النهاية
نسأل الله أن يجمعنا بكم أياما عديدة وأزمنة مديدة فلتلهج الألسن بالدعاء 
ولتنطق الحروف بالرجاء إن لم يكن لنا هنا لقاء  فللأخرى لنا أمل ورجاء
قائمة المصادر والمراجع
أولا المصادر:

أبو المحاسن:النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 
المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 
المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك  
علي باشا مبارك:الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة



ثانيا المراجع :

أبو الحمد محمود فرغلي:الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية والقبطية في القاهرة 
الحسن بن عمر :تذكرة النبية في أيام المنصور وبنيه_تحقيق محمد محمد أمين 
جاب الله علي جاب الله :دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة
حسن عبد الوهاب :تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة 
حسن محمد نويصر :العمارة الإسلامية في القاهرة 
حسين علي :الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي 
سعاد ماهر :مساجد مصر وأوليائها الصالحون 
سحر عبد العزيز :دراسات في تاريخ مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي 
صالح لمعي :القباب في العمارة الإسلامية 
عاصم محمد رزق :دراسات في العمارة الإسلامية مجموعة بن مظهر المعمارية بالقاهرة 
عبد الله الشرقاوي :تحفة الناظرين في من ولي مصر من الملوك والسلاطين _تحقيق رحاب عبد الحميد
عبد الله عطية :الآثار والفنون الإسلامية 
عبد الحميد يونس :تاريخ مصر القديمة وأثارها


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق