الاثنين، 30 مايو 2022

بيت الفاروق.. قصة منزل مسلسل لعبة نيوتن

 في قلب قرية تونس بالفيوم، يخطف الأنظار بمساحته الشاسعة، وطرازه الذي يحمل زائره في رحلة إلى العصر الإسلامي، بفنونه المختلفة، من الأبواب للأسقف وحتى الجدران التي شيد بعضها بالطريقة الريفية، بالإضافة للأثاث والتحف والمقتنيات شديدة الندرة به، ورغم ذلك ظل غير معروفا لعدة عقود بين الكثير من المواطنين، ليتم إزاحة الستار عنه بمسلسل لعبه نيوتن للفنانة مني ذكي  خلال شهر رمضان الحالي.



في الحلقة السابعة من مسلسل لعبة نيوتن، جذب المشاهدين بشدة القصر الذي يقيم به بدر، ويلعب دوره الفنان سيد رجب، حيث يزوره فيه الفنان محمد ممدوح، ليظن البعض أنه لوكيشن تصوير خاص، وآخرون اعتقدوا أنه بيت السحيمي، بينما كشف أهالي قرية تونس أنها فيلا حقيقية تسمى بـ«دار الفاروق»، لمالكها المهندس المعماري الشهير عمر الفاروق،

ترتبط حكاية «دار الفاروق»، بالفنانة السويسرية العالمية إيفيلن بوريه، زوجة الشاعر الراحل سيد حجاب، والتي انتقلت لمصر في الستينات، وتعرفت على نخبة من أهلها، من بينهم المهندس عمر الفاروق، الذي يعد أحد رواد الهندسة المعمارية بمصر، وهو خريج كلية الفنون الجميلة، وتلميذ للمعماري الشهير حسن فتحي، وعمل معه ضمن فئة قليلة، ليتعلم منه العمارة البيئية والإسلامية.

أثناء زيارة إيفلين لبحيرة قارون بالفيوم، اتجهت أيضا لقرية تونس والتي كانت بدائية للغاية في هذا الوقت، لتجذبها جمالها وهدوئها وأجوائها المميزة، خاصة بعد معرفتها وجود أفضل أنواع الطمي بها، لتقرر الإقامة فيها برفقة زوجها، وفقا لحديث المهندس عمر الفاروق، بشأن بداية القرية واتجاهه لتصميم عدة منازل مميزة بها.

وقتها كانت القرية بدائية ولم يتواجد بها فنادق للإقامة، لذلك صمم بنفسه الفاروق عدة منازل للفنانين الذين سارعوا للإقامة بها مع إيفلين، على الطراز البيئي الممزوج بالإسلامي، عبر الاعتماد على الطمي والحجر الجيري من منطقة بحيرة قارون، ليبدع في تنفيذ منزله الخاص دار الفاروق، الذي طوع فيه أيضا مفهوم ملاقف الهواء للتهوية الطبيعية والصحن الداخلي للمنزل وارتفاع الأسقف بما يسمح بالإنارة الطبيعية ليستغرق تشييده أكثر من 25 عاما.


وضع المهندس المعماري خلاصة خبرته بالمنزل، حيث ساهم في العديد من المشروعات البارزة بالبلاد، منها توسيع منطقة السيدة نفيسة، وجامع سيدي أبو الحسن الشاذلي بين أسوان ومرسى علم، والمكتبة العامة بالبحرين، ونقابة الأشراف بالقاهرة، وجامع علي المفتي بمدينة 6 أكتوبر، ومسجد فاضل.

كما منحه أيضا جانبا من شخصيته، كونه جامعا للتحف النادرة، منذ صغره والتي يحرص على تسجيلها بوزارة الآثار، حيث قال الفاروق إن الدار تضم أنتيكات ومقتنيات شديدة الندرة، يتم متابعتها دوريا، منها الأبواب الهندية وتحف وأثاث يعود للعصر المملوكي والفاطمي ومختلف العصور الإسلامية.

سارت على خطاه ابنته ليلى الفاروق، حيث تخرجت من كلية الفنون الجميلة، لتصبح رسامة، التي تفتخر بمنزل والدها المميز، الذي استغرق حوالي ربع قرن لتشييده، ويستمر استكمال بناء مناطق به أيضا، لاستعانته بحرفيين ماهريين وتغيير عدة تكوينات به، حيث يتكون من مساحة واسعة وطابقين وتحيطه حديقة، لذلك يحرصون على الإقامة به على فترات، حال خروجهم من القاهرة.

يتمتع المنزل بأهمية خاصة لدى أبناء قرية تونس الذين يعتبرونه تحفة وثروة فنية، لكنه لم يكن معروفا على مستوى واسع من قبل، لحرص الفاروق على حمايته بشدة، ولكن مع بداية التحضير لمسلسل لعبة نيوتن قبل عامين، ارتبط صناعه بعلاقة صداقة قوية مع أسرة الفاروق، من مهندسة الديكور هند حيدر والمخرج تامر محسن، وفقا لحديث ليلى.



وتابعت ليلى أن والدها وثق في المخرج ومهندسة الديكور وقدرتهما على حماية مقتنيات المنزل وتقديرهما لفنه وجهوده، ليكن لعبة نيوتن هو أول عمل فني يتم تصويره بدار الفاروق.

تحرص الرسامة ليلى الفاروق على التواجد باستمرار خلال أوقات التصوير باستمرار لمتابعة العمل وحماية مقتنياته من الإتلاف المحتمل كونه بعضها نادر للغاية، وذلك منذ حوالي عامين، حيث تم تأجيل المسلسل من رمضان الماضي، موضحة أنه كان من المفترض تصوير لقطات محددة به، ولكن بعد إعجاب طاقم العمل الشديد بالمنزل، ضاعفوا تلك المشاهد به.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تشهد بها تصوير عمل فني، ولكنها لمست خلال لعبة نيوتن، التعب والجهود البالغة خلف الكاميرات، قائلة: «يعني آخر مرة كنا هناك، كان في مشهد لمحمد فراج فيه أنه بيعيط، فضل يعيده حوالي 4 ساعات لدرجة أنا تعبتله جدا»، متمنية تسليط الضوء على الكثير من المنازل المعمارية المميزة بالبلاد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق